للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ ولي الصالحين وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله صفوة الخلق أجمعين، اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى سائر النبيين.

إخوة الإيمان: وبالأخلاق الكريمة جاءت شرائعُ السماء وبعث المرسلون لعلاج ما فسد من فطر الناس وأخلاقهم، وبالأخلاق الحسنة أوصى الحكماءُ أبناءهم.

فمما أدرك الناسُ من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت، ولا شك أن الحياء من أساسيات الأخلاق الفاضلة.

ومن وصايا لقمان لابنه: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (١٨) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} (١).

إن الخُلُق في منابع الإسلام الأولى - من كتاب وسنة - هو الدين كلُّه وهو الدنيا كلُّها، فإن نقصت أمةٌ حظًا من رفعة في صلتها بالله، أو في مكانتها بين الناس فبقدر نقصانِ فضائلها وانهزام خُلُقِها (٢).

أجل: إن الأخلاق عمادُ الأمم، وهي سببٌ مهم في تماسك الدول وبقائها.

وإنما الأممُ الأخلاقُ ما بقيتْ ... فإن هُمُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا

وعلى المسلمين أن يتنبهوا إلى قيمة الأخلاق في صراعهم الحضاري مع الأمم الأخرى ... وهل تستطيع أمة أن تثبت وجودها إذا أضاعت مقوماتِ شخصيتها؟ وانهارت أخلاقُها؟


(١) سورة لقمان، الآيتان: ١٨، ١٩.
(٢) الغزالي: خلق المسلم: ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>