للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطبةُ الثانيةُ:

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ الرحمنِ الرحيمِ .. رحمتُه وَسِعَتْ كلَّ شيءٍ وأنزلَ منْها في هذه الدنيا رحمةً، وادَّخرَ تسعةً وتسعينَ لِيومِ القيامةِ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ، شهِدَ بضعفِ الخَلقِ، وشهدَ المرسَلونَ على ضعفِ هذه الأمةِ ورحمةِ اللهِ بها، وهذا الكليمُ موسَى عليه السلام يقولُ في ليلةِ الإسراءِ والمعراج للنبيِّ صلى الله عليه وسلم حينَ فُرضَتُ عليه الصلاةُ ماذا فُرِضَ عليكُمْ؟ فقالَ صلى الله عليه وسلم: «أمرَني ربي بخمسينَ صلاةً في كلِّ يومٍ وليلةٍ، فقالَ له موسَى ارجعْ إلى ربِّك فاسألْهُ التخفيفَ، فإنَّ أمتَك لا تُطيقُ ذلكَ، فإني قدْ بَلَوْتُ الناسَ قبلَكَ على ما هو أقلَّ من ذلكَ فعجَزوا، وإنَّ أمتَكَ أضعفُ أسماعًا وأبصارًا وقلوبًا .. فرجَعَ إلى ربِّه فوضعَ عنه عشرًا، وما زالَ يُراجعُ ربَّه حتى بقيَتْ خمسًا .. ولكنها بأجر خمسين رحمةً من رَبِّك وتخفيفًا وفضلًا (١).

وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه اعترفَ بضعفِه وشكا إلى ربِّه حالَهُ حينَ عادَ هائمًا على وجهه من رحلةِ الطَّائفِ وهو يقولُ: «اللهُمَّ إليكَ أشكو ضعفَ قُوَّتي وقِلَّةَ حيلَتي وهواني على الناس، أنتَ ربُّ المستضعَفينَ وأنتَ ربي، إلى مَنْ تَكِلُني ... ».

اللهمَّ صلِّ وسلِّم عليهِ وعلى سائرِ النبيينَ والمرسَلينَ.

إخوة الإسلامِ: ضعفُنا يستَدْعي أنْ نركَنَ إلى اللهِ ونستعينَ به ونعوذَ به فلا مَلجَأَ ولا مَنْجا منهُ إلا إليه، وهو الذي يُفَرُّ منهُ إليهِ، وهذا نبيُّ اللهِ لوطٌ عليه السلامُ اعتَصَم باللهِ مِنْ أَذَى قومِهِ وقالَ: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ}


(١) تفسير ابن كثير عند آية النساء ٢٨ وعزا الحديث للبخاري ومسلم وأحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>