للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله رب العالمين، خلقَ الخَلق، ومن ضعفٍ، ثم جعل من بعد ضعفٍ قوة، ثم جعل من بعد قوة ضعفًا وشيبة، يخلق ما يشاءُ وهو العليم القدير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، عرض الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسانُ، إنه كان ظلومًا جهولًا، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله أخبرَ وهو الصادقُ المصدوق أنه ما نحلَ والدٌ ولدًا خيرًا من أدبٍ حسن. اللهم صلِّ وسلِّمْ عليه وعلى سائر النبيين.

أيها المسلمون: وهناك وسيلةٌ لطيفة في التربية وذاتُ أثر على الأولاد عمومًا: والأطفال منهم على الخصوص، ألا وهي التفاهمُ بين الزوجين على علاج الخطأ الواقع من الأولاد أو ما يمكن تسميته (باصطناع المرونة)، فإذا اشتدت الأمُّ على الطفل لان الأب، وإذا عنَّف الأبُ لانت الأم، فقد يقع الولدُ في خطأ فيؤنبه والدُه تأنيبًا يجعله يتوارى خوفًا من العقاب الصارم، فإذا غاب جاءت الأم لتطيب خاطره وفي نفس الوقت لتوضح له خطأه برفق، وحينها يشعر الولدُ بأن أبويه على حق وصواب، فيقبل من الأب تأنيبه - وربما اعتذر إليه - ويحفظ للأم معروفها - وربما شكرها - والنتيجة أنه سيتجنبُ الخطأَ مرة أخرى (١).

وهذا الأسلوبُ أنفعُ من اعتذار أحد الأبوين للطفل عن خطئه، والدفاع عنه حين تأديبه، إذ يشعره ذلك بالدلال السلبي، ويدعوه للتعاظم وإن كان مخطئًا، وعدم القبول ممن وجهه، وإن كان ناصحًا.


(١) محمد إبراهيم الحمد، التقصير في تربية الأولاد: ٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>