الحمدُ لله يهدي من يشاءُ، ويضلّ من يشاءُ، ومن يضلل اللهُ فما له من هادٍ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، له الدينُ واصبًا، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، اجتباه ربُّه وهداهُ إلى صراطٍ مستقيمٍ، اللهمّ صلِّ وسلِّم عليه وعلى سائرِ الأنبياءِ والمرسلينَ، وارضَ اللهمَّ عن أصحابه أجمعين، والتابعينَ ومن تبعَهُم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين.
عبادَ اللهِ: وصيةُ اللهِ لكم ولمَن قبلَكُم ومَن بعدَكُم التقوى، فاتقوا اللهَ، ومن يتقِ اللهَ يجعلْ له مخرجًا، ومن يتقِ اللهَ يكفِّرْ عنه سيئته ويعظمْ لهُ أجرًا.
أيّها المسلمون: يطيبُ الحديثُ عن صحابةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم عمومًا؛ لأنه حديثٌ عن خيرِ القرونِ، وعن منِ اختارَهم اللهُ لخيرِ المسلمين، ويطيبُ أكثرُ حينَ يكونُ عن واحدٍ من السابقين .. صَلّى سنتينِ قبلَ مَبعثِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قيل له: فأين كنتَ توجّهُ؟ قال: حيثُ وجَّهني اللهُ، وجاءَ من بلادِ قومه يبحثُ عن الإسلامِ، ويرغبُ اللقاءَ بمحمدٍ عليه الصلاةُ والسلامُ، ومع تخفِّيه واحتياطِه بالسؤال، إلا أنه لم يَسلم من أذى قريشٍ وصَلَفِها؛ إذ كانت تؤذي كلَّ من ينتسبُ إلى محمد صلى الله عليه وسلم أو يتصلَ به، ولكن صاحِبَنا - صاحبَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم - كان رابط الجأشِ، قويَّ الإرادةِ، قادرًا على التَّحدي والصُّمودِ في سبيلِ اعتِنَاقِ الدِّينِ الحقِّ، ولقد راغمَ قريشًا بعد إسلامِه فأقسم ليصرَخنّ بالشهادتينِ بين ظَهرانَي قريش - في وقتٍ كانت قريشٌ تخنقُ الأنفاسَ - فخرج حتى أتى المسجدَ، فنادى
(١) ألقيت هذه الخطبة يوم الجمعة الموافق ١٠/ ٦/ ١٤٢١ هـ