للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتنة الشهوة (١)

[الخطبة الأولى]

إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده اللهُ فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، اللهم صلِّ وسلِّم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا.

إخوةَ الإسلام: منذُ قديم الزمانِ وحديثِه، وهناك نوعان من الفتن تتعرَّض لهما النفوسُ المسلمةُ، ولا سلامة منها إلا بالاعتصام بكتاب اللهِ، وهَدْي المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومجاهدةِ النفس وترويضِها، ومغالبتِها على اتباع الحقِّ ورفضِ الباطلِ، هاتان الفتنتانِ هما: فتنةُ الشهواتِ، وفتنةُ الشُّبهاتِ.

تتعلَّق الأولى بالبطون والفروج غالبًا، وتتعلَّقُ الثانيةُ بالعقول والقلوبِ كثيرًا، وإليهما جاء التحذيرُ الإلهيُّ في الكتاب العزيز بقوله تعالى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} (٢). وبقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأَوِيلِهِ} (٣).

عباد اللهِ: ولا تزال هاتان الفتنتان في الناس، فتُفسدُ فتنةُ الشُّبهاتِ عقولَ أقوامٍ وتُزيِّنُ لهمُ القبيحَ، وتصدُّهم عن سبيل اللهِ وسبيلِ المؤمنين، وإن كانوا


(١) ألقيت هذه الخطبة يوم الجمعة الموافق ٢١/ ٣/ ١٤٢١ هـ.
(٢) سورة النساء، الآية: ٢٧.
(٣) سورة آل عمران، الآية: ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>