للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَرونَ أنهم يُحسنون صنعًا .. وتعمى قلوبُ هؤلاء عنِ الحقِّ، وإن كان عند غيرِهم أبلجًا، وفي هذا النوع من الفتن يجد الشيطانُ مرتعًا خصبًا، وتتكاثرُ الخواطرُ الشيطانيةُ، وتُولِّد الشُّبهةُ شبهةً أخرى .. وهكذا، نسألُ اللهَ السلامةَ من الفتن.

وأصحابُ هذه الفتنةِ -كما قال ابنُ القيّم رحمَه اللهُ- مركبُهم القِيلُ والقالُ، والشكُّ والتشكيكُ، وكثرةُ الجدالِ، ليس لها حاصلٌ من اليقين يُعوَّل عليه، ولا معتَقدٌ مطابقٌ للحقّ يُرجع إليه، يوحي بعضُهم إلى بعض زُخرفَ القول غرورًا، اتخذوا لأجل ذلك القرآنَ مهجورًا، وقالوا من عند أنفسِهم، فقالوا مُنكرًا من القول وزورًا، فهم في شكِّهم يَعمهون، وفي حَيرتهم يتردَّدون، اتبعوا ما تتلوا الشياطينُ على أَلْسنةِ أسلافهم من أهل الضلال، فهم إليه يتحاكمون، وبه يتخاصمون .. قد ضلُّوا من قبلُ وأضلُّوا كثيرًا وضلُّوا عن سواء السبيل (١).

وهنا حديثٌ يطولُ عن هذا النوع من الفتن، وليس هذا موطنَ بسطِه، ولكن الحديثَ اليومَ عن فتنة الشهواتِ وآثارِها، وصرعها وسُبل النجاةِ منها، وأخصُّ من ذلك شهوةَ الفروج، وقد يكون المفتونون بهذا النوع أكثرَ في زمنٍ كثُرت فيه المغرياتُ، وتفنَّن أصحابُ الشهواتِ في اقتناص المسلمين والمسلماتِ ..

أجل، لقد عَملتِ القنواتُ الفضائيةُ وغيرُها من وسائل الإعلامِ المنحرفةِ الأخرى عمَلَها في نشر الرذيلةِ، وتحطيم جُدُرِ الفضيلة، ووأْدِ الحياءِ، وتوارى الخُلقُ الكريم في عددٍ من البرامجِ .. بل صار التنافسُ المحمومُ لتقديم مادةٍ إعلاميةٍ تستهوي المشاهدين والمستمعين، حتى ولو كانت على حساب الدّين والخُلُق والمروءة والحياءِ، وفي ظل هذه الإثاراتِ تُستفزُّ المشاعرُ، وتُثارُ الغرائزُ.


(١) إغاثة اللهفان - بتصرف يسير: ١/ ١٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>