للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله رب العالمين أحمده تعالى وأشكره وأثني عليه الخيرَ كله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر المرسلين.

أما بعد فاذكروا الله- معاشر المسلمين- يذكركم، اذكروه ذكرًا كثيرًا وسبحوه بكرة وأصيلًا، اذكروا الله بألسنتكم وقلوبكم، وتعرفوا إلى الله في حال الرخاء يعرفكم في حال الشدة إياكم والغفلة عن ذكره وشكره {فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} (١).

{وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} (٢).

معاشر المسلمين استقيموا على طاعة ربكم، واتخذوا من فرص الخير ومواسمه محطاتٍ تتزودون بها للقاء ربكم، واعلموا أن الحياة الدنيا متاع وأن الآخرة هي دارُ القرار .. ما أهون الخلق على الله وما أضعف حيلهم إذا حزبت الأمور، وعصفت العواصف وحل بهم شيءٌ من أقدار الله .. ولقد عاد كثيرٌ من الناس بذاكرته إلى الوراء يتذكر ما قدَّم يوم أن وقع في اليوم الثامن ما وقع في منى .. وربما خيُل لبعضهم أن القيامة قاب قوسين أو أدنى، وبلغ الرعب والهلعُ أن قتل بعض الناس بعضًا ولقيت ربها نفوسٌ قد تجردت من الدنيا، ولم يكن عليها إلا لباس تُشبه أكفان الموتى، وسلم اللهُ من سلم ليمتحنهم في بقية أعمارهم في الدنيا، ونسأل الله أن يتغمد أموات المسلمين بواسع رحمته، وأن يجعلها تذكرة لمن أنجاه الله منها وأن يقي الجميع نار جهنم فهي أشد حرًا


(١) سورة الزمر، آية: ٢٢.
(٢) سورة الزخرف، آية: ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>