للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله رب العالمين، يسر من شاء لليسرى، وجعل نصيب آخرين العسرى، وهو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يمتحن الناس في هذه الدنيا وعنده يوم القيامة الجزاء الأوفى.

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله نظر ربُّه في قلوب الرجال فوجد قلبه أزكاها وأتقاها فاختاره لرسالته، ونظر في قلوب الرجال من بعده فوجد قلوب الصحابة الهدى والتقى فاختارهم أصحابًا له .. وبهم يقتدى .. اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد وعلى سائر النبيين والمرسلين.

أيها المسلمون! إذا كانت القلوب تموت بمصاحبة الأشرار، أو تُصاب بالعلل الكبرى، فإن في مصاحبة الأخيار دواءً للقلوب وحياةً لها، وقد نقل النووي رحمه الله عن الزاهد العابد إبراهيم الخواص أنه قال: دواءُ القلب خمسة .. وذكر منها: مجالسة الصالحين (١).

أيها المسلم! قد تستهويك رفقة الأخيار لما جاء في فضلها وآثارها، ولكنك قد تجد من نفسك تثاقلا أو حياءً، أو حواجز نفسية ووهمية عن اللقاء بالخيرين والانبساط إليهم، فجاهد نفسك في البداية تجدها منقادة لك في النهاية .. واعلم أن العتبة الأولى لقربك من الخير وأهله كثرة صلتك بالله، واستدامتك لطاعته وإخلاصُك في عبوديته .. وهجرُ الفساد والانقطاع عن مجتمع الفاسدين .. فتلك عون لك بإذن الله على الانخراط في سلك الخيرين، والفرار من مجتمع البطالين.


(١) التبيان في آداب حملة القرآن ص ٤٦، عن أسباب العشرة ١٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>