للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كيف تصح القلوب؟ (١)

أحمد الله الذي ظهر لأوليائه بنعوت جلاله، وأنار قلوبهم بمشاهدة صفات كماله، وتعرف إليهم بما أسداه إليهم من إنعامه وأفضاله، فعلموا أنه الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لا شريك له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، ولا يحصي أحذ ثناءً عليه.

وأشهد ألا إله إلا الله، إلهًا واحدًا جل عن الشبه والأمثال، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، ولا معقب لأمره.

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله والأمين على وحيه، والحجة على خلقه، شرح الله به الصدور، وأنار به القلوب، وهدى به أقوامًا من الضلالة إلى الهدى، اللهم صل عليه وعلى إخوانه الأنبياء وعلى آله، وارض اللهم عن أصحابه أعلام الهدى، ومن سار على نهجهم علما يوم الملتقى.

أما بعد فقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم فيما أوحى إليه بطهارة القلب وتزكيته من أدرانه فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنذِرْ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} (٢).

وجمهور المفسرين من السلف ومن بعدهم كما يقول ابن القيم- رحمه الله- على أن المراد بالثياب هنا القلب، والمراد بالطهارة إصلاح الأعمال والأخلاق، ولئن ذهب بعض المفسرين إلى أن الآية على ظاهرها، وأن المقصود تطهير الثياب من النجاسات التي لا تجوز معها الصلاة، فقد قيل: إن الآية تعم هذا كله، وتدلل عليه بطريق التنبيه واللزوم، إن لم تتناول ذلك لفظًا، فإن المأمور به، إن كان


(١) في ١٥/ ١٠/ ١٤١٢ هـ.
(٢) سورة المدثر، الآيات: ١ - ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>