للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله وفق من شاء لطاعته وشرحَ صَدره لهداه، فاستقرت نفسه وقوي قلبه، ولم يجد الشيطان عليه سبيلاً، وأضل من شاء فجعل صَدره ضيقًا حرجًا كأنما يصعد في السماء، وتناوشته الهموم وتحاوشته الشياطين، وكذلك يجعل الله الرجس على الذين ما يؤمنون. وأشهد أن لا إله إلا الله بذكره تطمئن القلوب، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله قدوة المهتدين وإمام المتقين- اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر المرسلين.

أيها المسلمون سواءً كانت دواعي القلق تحسرًا على أمر مضى لم يدرك الإنسان بغيته منه، أو تخوفًا من مستقبل يوحي إليه الشيطان بمفاجآته الصعبة عليه، أو عجزًا عن مواجهة وتحدي الواقع الذي يعيشه في ظنه، أو هي نتيجة مجموعة من التخوفات الوهمية لا حقيقة لها- وكان المرض النفسي خلاصًا من مشكلة ظن المريض خطأً أنه يتخلص بها، أو كان نتيجة ترادف مشكلات استسلم الفرد لها، أو بسبب سوء معاملة من قريب أو بعيد جارت على المريض فغيرت مزاجه وتعكر صفو حياته، أو كان المرض لأي أسباب أخرى ... فثمة أنواع من العلاج يشفي الله بها من كل داء، وأول الأدوية الناجعة للعلاج الإيمان بالله {ومن يؤمن بالله يهد قلبه} فمن يملأ الإيمان قلبه تفر شياطين الإنس والجن من حوله، وذكر الله على كل حال كفيلٌ بشرح الصدر وطمأنينة القلب {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.

والإيمان بالقضاء والقدر وما يقذفه في القلب المرء من الرضا والتسليم دواءٌ ناجح بإذن الله فصاحبه يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن

<<  <  ج: ص:  >  >>