إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله اللهم صلي وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد فاتقوا الله أيها المسلمون وراقبوه واعملوا بطاعته واجتنبوا معاصيه، وتخلقوا بالأخلاق الفاضلة وجاهدوا أنفسكم على الاتصاف بالصفات الحميدة فإنها سبيل إلى التقوى وطريق إلى السعادة في الدنيا والآخرة.
إخوة الإسلام، وتضطرب على الدوام أمور الحياة، وتكثر في هذه الدار المنغصات والمكدرات، ويصور الشاعر طرقًا من هذه المعاناة حين يقول لبيد ابن ربيعه العامري:
بُلينا وما تبلى النجوم الطوالع ... وتبقى الديارُ بعدنا والمصانعُ
فلا جزعٌ إن فرَّق الدهر بيننا ... فكلُ امرئ يومًا له الدهر فارجعُ
وما الناس إلا كالديار وأهلها ... بها يومٌ حلُوها وتغدو بلاقعُ
ويمضون أرسالاً وتخلف بعدهم ... كما ضمَّ إحدى الراحتين الأصابعُ
وما المرءُ إلا كالشهاب وضوئه ... يحور رمادًا بعد إذ هو ساطعُ
وما المرء إلا مُضْمَرَاتٌ من التقى ... وما المال إلا عارياتٌ ودائعُ
أليس ورائي إن تراخت منيتي ... لُزوم العصا تُحنى عليها الأصابعُ