للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

عبادَ الله على مشارف عامٍ ينتهي، وإطلالة عام يبتدي وقفةٌ وعبرة.

فنهايةُ عامٍ يعني أن الله متَّع ابنَ آدم فيه مل يزيدُ على ثمانية آلاف وخمسمائة ساعة، وكم في هذه الساعات من نبضات قلبٍ ما كان له أن يعيشَ لو أنَّ اللهَ أوقفها لحظةً من الزمن وكم صعد خلالها النفسُ وما كان له أن يعيش لو كتمه اللهُ لحظة من الزمن.

عامٌ يمضي يعني توفير نعمٍ كثيرة لهذا الكائنِ الحي، وتسخير وجوداتٍ كثيرةٍ في هذا الكون لهذا الإنسان- قد يعلم بعضها ويجهل أكثر ها.

عام يمضي يعني امتلاءُ السجلات بما كسبت يداك وسطره الكرامُ الكاتبون، وغدًا سيكشف عن المخبوء، وتبلى السرائر، فأعد للسؤال جوابًا، وللجواب صوابًا، عام يمضي يعني سقوط ورقةِ من أوراق الشجرة ذات الأوراق المحددة، وبها يتناقص الموجود، ويزداد الذابلُ المفقود، ولربما كانت الورقةُ ما قبل الأخيرة أو كان بعدها أوراقٌ أخرى {وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}.

عام يمضي يعني قربك من الآخرة وبعدَك عن الدنيا {إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ}.

وعامٌ يستجد، وأنت فيه في عداد الأحياء يعني أن الفرصةَ بيدك لتداركِ ما فاتك، وإبدالِ السيئات بالحسنات، واللهُ في غناه عنك وعن غيرك أشد فرحًا

<<  <  ج: ص:  >  >>