يا أيها القلقون المكابدون استأنسوا بذكر الله على آلام المكابدة فطالما خاضت ألسنتكم بكل شيء إلا الذكر وبذكر الله تطمئن القلوب، كم يفرّج ذكر الله من كربة ويزيل من غمة وويل للقاسية قلوبهم، ومساكن من شحت عليهم ألسنتهم عن ذكر الله، ومثل الذي يذكر الله والذي لا يذكره كمثل الحي والميت {فاذكروني أذكركم} وفي القرآن شفاء لما في الصدور، ونور للقلوب، ولا غرابة أن تكثر هموم الهاجرين لكتاب الله، إنه القرآن هداية وبصائر ورحمة وذكر، فليكن لك من كتاب الله نصيب فهو نعيم لا ينسى في الوحشة والرفيق في الخلوة، والمصاحب في الغربة.
أيها المسلم وكيف يزيد قلقك وأنت تؤمن بقضاء الله وقدره فما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك وكيف تضجر ورزقك وأجلك مسطوران في الكتاب ألا فاعمل فيما يفنى لما يبقى، واصرف همك للآخرة فهي المستحقة للعناء إذ هي دار البقاء.
يا أيها العقلاء والاستخارة والاستشارة تخففان من القلق وسبيلان للراحة وحسن المنقلب .. إنك تستخير الله العليم الخبير في أمور لا تدري ما نهايتها .. وتسلم الأمر لله في تقدير ما ينفعك في الدنيا والآخرة .. أليس ذلك سبيل للراحة والاطمئنان؟ وأنت في الاستشارة تستفيد من عقول الآخرين ولا تحرم تجارب المجربين، وإذا تشابهت ظروف الحياة كان لأهل التجربة رأيهم، وخليق بالعقل أن يستفيد منهم .. إنها هدايا بلا ثمن، ومكاسب تخفف من المكابد والقلق.
ومع ذلك فالدنيا - يا ابن آدم - مركب للسهل والصعب، وميدان للسرور