الحمد لله رب العالمين، أعطى كل شيءٍ خلقه ثم هدى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أمات وأحيا، وخلق الزوجين من نطفة إذا تمنى، أمسك السموات والأرض أن تزولا، وأهلك عادًا الأولى، وثمودَ فما أبقى والمؤتفكة أهوى فغشاها ما غشى، فبأي ءالاء ربك تتمارى ...
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أنزل الله عليه من البينات والهدى ما تخشع له الصخور الصم، وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار، وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء، وإن منها لما يهبط من خشية الله، وما الله بغافل عما تعملون ... اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر النبيين.
عباد الله، ويجد المتدبِّرُ لكتاب الله ألوانًا من المواعظ والعبر، تدعوه إلى الإيمان إن كان في بحثه صادقًا، وتُثِّبتُ إيمانه وتزيده إن كان من قبلُ مؤمنًا، وقل أن يستفيد من وقفات القرآن من يهذه هذ الشعر أو يقرؤه كما يقرأ الكتاب أو الجريدة، كحال من يختمون القرآن وهم لا يفقهون منه شيئًا .. إن أثر القرآن عظيمٌ في النفوس حين تقشعر منه الجلود، ثم تلين له القلوب، وإن مواعظه وعِبَره أكثر من أن تُحصى حين يُقْرأُ بتأملٍ وتدبُّر ... وحسبُنا في هذه الوقفة أن نذكر بمنهج القرآن في تثبيت الإيمان من خلال دلائل الكون في الأنفس والآفاق، ومن عظمة القرآن أن تبقى مواعظه صالحةً نافعةً في كلِّ زمان ومكان، أبى الله أن يبلى كتابه، أو يَخْلق من كثرة الترداد على تعاقب الأجيال.
وإليكم نموذجًا يلفت فيه ربنا تبارك وتعالى أنظارنا من خلال آي القرآن إلى التأمل والاعتبار، في مشاهد تتكرر في كل آن، ونراها رأي العيان، ومع ذلك فقد نغفل عنها كثيرًا، أو لا تدعونا لمزيد من الإيمان .. للجهل بها أو لكثرة