للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فيض العشر وفضل الدعاء]

[الخطبة الأولى]

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ...

أما بعد إخوة الإسلام فها هي أيام رمضان تسارع مؤذنة بالانصراف والرحيل، وها هي أيام العشر تحل لتكون الفرصة الأخيرة لمن فرط في أول الشهر، أو لتكون التاج الخاتم لمن أصلح ووفي فيما مضى، إخوة الإيمان العشر الأخيرة من شهر رمضان سوق عظيم يتنافس فيه العاكفون، وموسم يضيق فيه المفرطون، وامتحان تبتلى فيها الهمم، ويتميز أهل الآخرة من أهل الدنيا .. طالما تحدث الخطباء، وأطنب الوعاظ، وأفاض الناصحون بذكر فضائل هذه الليالي .. ويستجيب لهذا النداء الحاني، والموعظة المشفقة قلوب خالط الإيمان بشاشتها، وآذان أصغت للمنادي واستقر في روعها أنه لا يريد إلا الخير ليس إلا .. فسلكت هذه الفئة المستجيبة طريق المؤمنين، وانضمت إلى قافلة الركع الساجدين، واختلطت دموع أصحابها بدعائهم في جنح الظلام، وربك يسمع ويجيب، ويجزي العاملين المخلصين، وما ربك بظلام للعبيد.

أما الفئة الأخرى فتسمع النداء وكأنه لا يعنيها، وتسمع المؤمنين يتضرعون لخالقهم، وكأنه ليس لهم حاجة إلا ملء البطون والتفكير في الفروج .. ويا ليت شعري والمأساة أعظم أن هؤلاء نائمون قائمون .. فهم في عداد النائمين إذ لم يشهدوا مع المسلمين صلواتهم ودعاءهم وهم في عداد القائمين المضيعين لأوقاتهم والمزحين لفراهم بالقيل والقال والسهر الذي لا طائل من ورائه، ولا نفع يرجى من خلاله إلا من رحم الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>