إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله معاشر المسلمين واخشوا يوما ترجعون فيه إلى الله، ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون.
إخوة الإيمان من أيام موسى عليه السلام وما حصل له ولبني إسرائيل من الأذى والعذاب على يد فرعون وملأه، إلى غزوة أحد وما وقع فيها من شدة على الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين على أيدي الكافرين، أنتقل بكم للحديث عن أحوال العالم الإسلامي في القرن السابع الهجري يوم أن ضعف سلطان المسلمين، وتفرقت كلمتهم، وأثقلتهم خطاياهم، وتنازعوا أمرهم بينهم، حينها خرجت جحافل المغول المتوحشة تسفك الدماء، وتقتل الأبرياء، وتهتك أعراض النساء، وتستولي على الممتلكات والضياع دون رادع أو حياء، في مشاهد بشعة تكاد تنكرها العقول لولا ثبوتها، ولهولها وشدتها ظنت طوائف من المسلمين بالله الظنون، وربما خيل لبعضهم أن شجرة الإسلام قد اجتثت من أصولها،
(١) ألقيت هذه الخطبة يوم الجمعة الموافق، ١٠/ ١/ ١٤١٦ هـ