للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجربة صلاح الدين في تحرير فلسطين (١)

[الخطبة الأولى]

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ...

إخوة الإسلام، ومن القرن الخامس عشر لهجرة المصطفى، على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام، إلى مشارف القرن الخامس للهجرة النبوية، أدعوكم إنما رحلة تاريخية، ملؤها العظة والاعتبار، ثم أدلف بكم إلى القرن السادس للهجرة، لتروا كيف تتشابه الظروف والأحوال عبر القرون، وكيف يتم الخلاص من عوامل الذل والهزيمة والهوان، ويتخلص المجتمع من أسباب الفرقة والضلال، وتعود إلى الناس الشهامة، وتستعلي النفوس بالجهاد، وتستنشق عبير الجنان ...

ففي نهاية القرن الخامس الهجري، وعلى وجه التحديد حين دخلت سنة ثنتين وتسعين وأربعمائة للهجرة، أخذت الفرنج النصارى بيت المقدس، وكانوا في نحو ألف ألف مقاتل، وقتلوا في وسطه أزيد من ستين ألف قتيل من المسلمين، وجاسوا خلال الديار، وأفسدوا .. ، وذهب الناس على وجوههم هاربين من الشام إلى العراق ليستعينوا الخليفة على النصارى الفرنج، وفيهم العلماء والقضاة، فلما سمع الناس ببغداد هذا الأمر الفظيع هالهم ذلك وتباكوا، وقال قائلهم:

مزجنا دمانا بالدموع السواجم ... فلم يبق منا عرضةٌ للمراحمِ

وشر سلاح المرء دمعٌ يُريقه ... إذا الحرب شبَّت نارها بالصوارمِ


(١) في ٣٠/ ٤/ ١٤١٤ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>