أيها المسلمون، وليس هذا الحدث إلا صورة من صور الضعف التي عاشها المسلمون في أواخر القرن الخامس والقرن السادس الهجري، فالمسلمون في وضع سياسي لا يحسدون عليه، حيث الفرقة والنزاع، ومع بقاء اسم خليفة المسلمين في بغداد إلا أن الدويلات التي ظهرت، واستقل بعضها واختصت كل دولة منها بجزء من بلاد المسلمين، لاشك أن ذلك أضعف هيبة الخلافة، وفرق قوة المسلمين، بل وصل الأمر إلى تنازع هذه الدويلات فيما بينها، وربما بلغ التنازع مبلغه فوجد في الدويلة الواحدة عدة أشخاص يتنازعون السلطان بينهم، ووصل بعضهم إلى درجة الاستعانة بالكافرين على إخوانهم المسلمين ... أفبعد هذا التمزق والخلاف يُحسد المسلمون على وضعهم السياسي؟
وليس الوضع العقائدي بأحسن حالاً من الوضع السياسي، حيث تسود العقائد الباطلة، ويروج سوقها، وربما أُلزِم الناس بها إلزامًا، ودولة العبيديين (المسماة بالفاطميين) نموذج واضح لهذا الفساد العقائدي، والتي استقلت بمصر وبلاد الشام وما حولها، وفي هذه الدولة كان السبّ جهارًا لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأزواجه الطيبات الطاهرات، هذا فضلاً عن إيذاء المؤمنين وقتلهم، وفضلاً عن تقريب اليهود والنصارى وتقليدهم المناصب .. إلي غير ذلك من انحرافات في العقائد، ذكرها المؤرخون، حتى قال الحافظ ابن كثير- وقد نقل شيئًا من ذلك- (وإنما حكيتُ هذا ليعلم ما في طوايا الروافض من الخبث والبغض لدين الإسلام وأهله، ومن العداوة الباطنة الكامنة في قلوبهم