للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لله ولرسوله وشريعته) (١).

إخوة الإسلام، وهل يُعقل أن دولة كدولة العبيديين (الفاطميين) ستحافظ على مقدسات المسلمين، أو تجابه اليهود والنصارى والمعتدين؟

وهل علمت أن سقوط بيت المقدس كان على أيديهم، وفي عهد ملوكهم؟ (٢). وهو شاهد لك على أن المسلمين لا يمكن أن ينال العدو منهم ما يريد في حال عزتهم وتمسكم بعقيدتهم، وإنما يتسلل العدو إلى ديارهم إذا وقع الخلل في عقائدهم، وكان الضعف في هممهم، أو طلبوا النصير من أعدائهم، وفي تلك الحال تعم المصيبة وتحصل الفتنة، ويُستَذل المسلمون، ويستأسد المجرمون.

ويكفي أن هذه الهزيمة التي حلَّت بالمسلمين باتوا يتجرعون كؤوسها مدةً تزيد على تسعين عامًا حتى أذن الله بالنصر، وعودة المسلمين مرة أخرى على يدي صلاح الدين الأيوبي، وجنده الصادقين- يرحمهم الله- فما هي قصة هذا الانتصار؟ وما هي أسبابه ومظاهره؟ وكيف نستفيد منه الدروس والعبَر؟

وإذا كنت، يا أخا الإسلام، قد أدركت سوء أحوال المسلمين في تلك الفترة فاعلم أن صلاح الدين لم ينتصر في يوم وليلة، ولم تكن المهمة سهلةً كما يتصور البسطاء، بل هو الجد والجهاد والصدق والعزيمة، والإعداد والتربية، حتى إذا اكتملت أسباب النصر، وتهيأ المجتمع، وقُطع دابر الفساد والفتن، أذن الله بالنصر والتمكين {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (٣).


(١) البداية والنهاية ١٢/ ١٤٦.
(٢) انظر البداية والنهاية ١٢/ ٢٨٣، قبل أن يهدم الأقصى/ ٥٥، ٥٦.
(٣) سورة الحج، الآية: ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>