للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله القائل في محكم التنزيل {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ} (١) وأشهد أن لا إله إلاً الله وفق من شاء لاتباع الملة والسنة، وأبى الجاهلون إلا المخالفة والابتداع: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (٢).

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وخيرته من خلقه .. وهو القائل: «ما تركتُ شيئًا يقربكم إلى الله إلا وقد أمرتكم به، وما تركت شيئًا يبعدكم عن الله إلا وقد نهيتكم عنه» (٣). اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر المرسلين.

إخوة الإسلام، ويرد السؤال الآخر، وما هي مفاسد البدعة لا سيما وأصحابها يزعمون أنهم يتقربون بها إلى الله زلفى؟

وللبدع مفاسد كثيرة، ومن أول هذه المفاسد أن أصحابها يتهمون شريعة الله بالنقص، إذ يُصرون على قُرُباتٍ لم يأذن بها الله، ولم تثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما عبدوا الله بمستحسنات العقول، وفي ذلك قدحٌ في كمال هذا الدين، وكأنّ أولئك يستدركون على الشريعة، ومنها أن أصحاب البدع يزهدون في السنن الثابتة، وتفتر عزائمهم عن العمل بها، وينشطون في البدع، فتراهم ينفقون أموالهم، وينصبون أبدانهم، ويضيعون أوقاتهم في إحياء البدع، وربما وجدوا خفّة ونشاطًا لما يشعرون به من موافقة الهوى، ولو كان الجهد -على غير هدى-


(١) سورة فاطر، الآية: ٨.
(٢) سورة المائدة، الآية: ٥٠.
(٣) رواه الطبراني بإسناد صحيح، خطب صالح الحميد، المجموعة الثانية/ ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>