للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينفع أصحابه لانتفع به رهبان النصارى الذين كانوا ينقطعون في صوامعهم وأديرتهم على غير هدى، فقال الله فيهم وأمثالهم:

{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (٢) عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ (٣) تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً} (١) وتأمل قوله تعالى {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (١٠٣) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} (٢).

ومن مفاسد البدع أنها السبب للفرقة والخلاف، فتحيا شعارات الجاهلية وتنطمس أنوار الإسلام، إذ يحس كل فريق أن ما هو عليه الحق وما عداه الباطل ويتحقق قوله تعالى {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} (٣) فتنشأ الإحن والعداوات بين المسلمين، ولو اعتصموا بحبل الله واستمسكوا بشريعته المنزلة الجامعة لكان فيها أمانٌ من الفرقة والخلاف. قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً} (٤) (٥).

ولا يقف الأمر عند حدود الفرقة والخلاف- مع ما فيها من شر وبلاء- بل يحتدم الجدل، ويروج سوق المراء بين المسلمين، وتحصيل الخصومة في الدين، ويضيع بها جزءٌ من وقت المسلمين دون فائدة، قال قتادة- رحمه الله- قوله تعالى: {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ} (٦)، قال: هم أهل البدع.


(١) سورة الغاشية، الآيات: ٢ - ٤.
(٢) سورة الكهف، الآيتان: ١٠٣، ١٠٤.
(٣) سورة المؤمنون، الآية: ٥٣.
(٤) سورة آل عمران، الآية: ١٠٣.
(٥) الخطب المنبرية للشيخ صالح الفوزان ١/ ٧٢.
(٦) سورة آل عمران، الآية: ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>