للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتأملوا حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم وهديه إذ يقوله: «ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل) (١).

ومن مفاسد البدع أنها تفسد الدين الصحيح، حتى يظنّ من لا يعرف حقيقة الإسلام أنه مجموعةٌ من الخرافات والطقوس الفارغة، فينصرف عنه من يريد الدخول فيه، وهذا ما يريده ويخطط له الكافرون والمنافقون حتى يصدوا عن الدين الحق، ويشغلوهم بترهات باطلة، وعقائد محرمة، وبدع فاسدة .. وهل يستطيع أرباب البدع مقاومة الباطل والمبطلين وهم في الباطل واقعون؟ وهل يستطيعون محاربة الشيطان وصدّه وهم له متبعون؟

كتب عمر بن عبد العزيز- رحمه الله- إلى عدي بن أرطأة بشأن بعض القدرية، يقول له: (أوصيك بتقوى الله والاقتصاد في أمره، واتباع سنة نبيه، صلى الله عليه وسلم، وترك ما أحدث المحدثون فيما قد جرت به سنة، فعليك بلزوم السنة، فإن السنة إنما سنها من قد عرف ما في خلافها من الخطأ والزلل والحمق والتعمق، فارض لنفسك بما رضي به القوم لأنفسهم، فإنهم على علم وقفوا، وببصر ناقدٍ كُفُوا، وهم كانوا على كشف الأمور أقوى، وبفضل كانوا فيه أحرى، إنهم هم السابقون، تكلموا بما يكفي، ووصفوا بما يشفي، فما دونهم مقصر، وما فوقهم محسر، لقد قصر منهم قوم فجفَوا، وتجاوز آخرون فغَلوا، وإنهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم) (٢).

معاشر الإخوة، كلماتٌ توزن بماء الذهب لمن عقل وتدبر ووعى، على أن دور السلف الصالح لم يقف عند حدود التحذير المجرد، للبدع وأصحابها، بل


(١) حديث حسن، أخرجه أحمد والترمذي وغيرهما، صحيح الجامع ٥/ ١٤٦.
(٢) صالح الحميد، المجموعة الثانية لخطبه: ١١، ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>