للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمدُ للهِ ربّ العالمينَ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وليُّ الصالحينَ، أشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، سيدُ الأولينَ والآخرينَ، اللهم صلِّ وسلِّم عليه وعلى سائرِ النبيينَ والمرسلينَ.

أيها المسلمونَ: وتعظيمُ الأشهرِ الحُرمِ لا يعني تخصيصَها بشيءٍ من العباداتِ لم يشرَعْهُ اللهُ، ولم يأذنْ به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فذلك خروجٌ عن السُّنةِ إلى البدعةِ، ونحنُ مأمورونَ بالاتباعِ لا الابتداع، وكلُّ شيءٍ ليسَ عليه أمرُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فهو رَدٌّ.

والشيطانُ يفرحُ بالبدعةِ أكثرَ من غيرِها، ويتلاعبُ بأصحابِ البدعِ حين يُضلُّهم عن العملِ الصالح إلى السيئِ، وتأمَّلُوا أثرَ البدعةِ في الحديثِ الذي رواه الإمامُ أحمدُ وغيرُه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما ابتدعَ قومٌ بدعةً إلا نزعَ اللهُ عنهم منَ السُّنَّةِ مثلَها» (١).

وقد بيَّن العلماءُ أن الشرائعَ أغذيةُ القلوبِ؛ فمتى اغتذت القلوبُ بالبدعِ لم يبقَ فيها فضلٌ للسُّننِ، فتكونُ بمنزلةِ من اغتُذي بالطعامِ الخبيثِ.

عبادَ الله: والناسُ في هذا ثلاثةُ أصنافٍ:

صنفٌ جاهلٌ مفرطٌ، لا يعرفُ سنّةً ولا بدعةً، بل هو مسرفٌ في المعاصي والذنوبِ حسبَ رغبةِ نفسِه ومتطلباتِ شهوتِه.

وصنفٌ قد أحدثَ من الطاعاتِ وكلّفَ نفسَه ما لم يؤذن به، فتراه يخصُّ زمنًا بصلاةٍ أو صيامٍ أو عمرة .. وليس له في ذلكَ مستندٌ شرعيٌّ، وهم أصحابُ البدع.


(١) وذكره السيوطي في «الجامع الصغير» وحسّنه، وضعفه الألباني في «ضعيف الجامع الصغير» ٥/ ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>