للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الخطبة الثانية]

أيها المسلمون .. وإذا قيل الكثير عن التحذير من الديون .. فيقال الكثير عن الأمر بحسن الوفاء وحسن القضاء، وإنظار المعسر، والتفريج عن المكروب، كيف لا وفي الهدي النبوي: «من أنظر معسرًا أو وضع له أظله الله يوم القيامة تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله» (١).

وحوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء، إلا أنه كان يخالط الناس وكان موسرًا، فكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر، قال: قال الله عز وجل: «نحن أحق بذلك منه تجاوزوا عنه» (٢).

وطلب أبو قتادة غريمًا له فتوارى عنه، ثم وجده، فقال: إني معسر فقال: آلله؟ قال: آلله، قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه» (٣).

يا عباد الله خيار المسلمين أحسنهم قضاء، ومحمد صلى الله عليه وسلم قدوة هؤلاء الخيار المحسنين في القضاء .. ولكم في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، وقد جاءه رجل يتقاضاه في سن من الإبل، فقال أعطوه، فطلبوا سنه فلم يجدوا إلا سنًا فوقها، فقال أعطوه، فقال (الرجل) أوفيتني وفاك الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن خيركم أحسنكم قضاء» ..

يخطئ من يظن أنها شطارة ومهارة أن يتحايل على الناس بأكل حقوقهم أو تأخيرها .. ومسكين من لا يفارق المحاكم مدافعًا بنفسه بالباطل أو مقيمًا له


(١) أخرجه الترمذي وصححه، وهو بمعناه عند مسلم (جامع الأصول ٤/ ٤٥٧).
(٢) أخرجه مسلم والترمذي (مسلم رقم ١٥٦١ والترمذي ١٣٠٧ جامع الأصول ٤/ ٤٥٨).
(٣) أخرجه مسلم رقم ١٥٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>