إنه واقع يدمي القلب .. أن ترى الرجل يعتاد المساجد .. ويطيل الركوع والسجود، وربما بكى لسماع القرآن .. لكنك إذا تقصيت أمره وجدته ماكرًا محتالًا، كذابًا .. أكولًا لأموال الناس بالباطل .. أي دين هذا؟ وأي أمانة أو خشية تلك، وأين نهي الصلاة عن الفحشاء والمنكر ..
ويدمي القلب أكثر حين تسمع عن مداينات تتكئ على الربا، وتتجاوز ما أحل الله إلى ما حرم الله، و {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} ومن فعل ولم ينته- من الربا - فليأذن بحرب من الله ورسوله، ومن تاب فله رأس ماله لا يَظلم ولا يُظلم، ويتوب الله على من تاب .. ألا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم .. لقد أبصر الناس بأم أعينهم كيف تصرمت أموال تصرم النار الهشيم، وكانت عبرة لمن اعتبر حين أمسى أناس وهم في عداد الأثرياء فأصبحوا وهم في عداد الفقراء البؤساء .. أليست هذه نذر أو ليس فيها محق للربا؟ ولا تزال آثار النازلة المالية موجعة لعدد من الأغنياء .. وغيرهم من باب أولى .. فاعتبروا يا أولي الألباب!
أيها المسلم من علائم تقواك أن تكتفي بما أحل الله لك في البيع والشراء ومن علائم رشدك وكمال عقلك أن تكتب مالك وما عليك من الديون فلا تصنع شيئًا من حقوقك، ولا يوقع الورثة في إشكال مع مدَّيْنيك ..
أيها الأبناء ومن أسرع البر بآبائكم وأمهاتكم أن تقضوا ديونهم فور وفاتهم، فذممهم مرهونة بالدَّيْن حتى يقضى عنهم ..
ألا وأكثر الله من وسطاء الخير الذين يتحملون ما يستطيعون عن المدَّيْنين عمومًا، وعن الموتى على وجه الخصوص .. وهنا يذكر نموذج (أبي قتادة رضي الله عنه)