الحمد لله كتب العزةَ له ولرسوله وللمؤمنين ولكنَّ المنافقين لا يعلمون، وقضى بأن الأرضَ يرثها عبادُ الله الصالحون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يمهل للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، وقد تغر الدنيا بزينتها ومباهجها، وقد تكون نهايتُها على أثر هذه الزينة بغتة، والله يقول:{حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}(١).
وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، حذّر أمتَه من الفتن، وبشَّر بمستقبل للإسلام والمسلمين لم تُستكملْ بَعْدُ مبشراتُه، ولو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطوّل الله هذا اليوم حتى يقع ما صح من خبره ومبشراته ... اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى سائر النبيين والمرسلين.
إخوة الإيمان: ويرى البعضُ أن العولمةَ التي نعيشها هذه الأيام هي مرحلةُ التصفيةِ الروحية أو ما يسمى: بالانتحار الروحي، وقد سبقتها مراحلُ من العولمة مهدت لها، وهذه المرحلةُ الأخيرة من العولمة ستترك أثرين متغايرين تمامًا: السلبي منهما يكمن في إخراج جيل مشوَّشِ الفكر، فاقدٍ للهوية يسخر من لغتهِ ودينه وتاريخه وقيمه، أما الإيجابي فيكمن في إيقاظ روح التحدي، والشعور بأهمية المقاومة والصمود لإثبات الذات، وتأكيد أصالة القيم، وبعث الحماس على استخراج مكنوز الحضارة الإسلامية، والتأكيد على أهمية القيم الإسلامية، والتاريخ الإسلامي والبقاء للأصلح، والزبدُ يذهب جفاءً، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض، تلك سنةُ إلهية ماضيةٌ تتكرر.