للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبادَ الله: وعلى إثر هذه السُّنةِ الإلهية والمبشراتِ النبوية يرد السؤال: هل يمكن أن تستمرَ هذه العولمةُ، وإلى أي حدِّ يمكن أن تنجح؟

لا شك أن الغيب لا يعلمه إلا علام الغيوب، ولكن ظاهر الأمر يوحي بأن هذه العولمة قد تحقق بعض النجاحات، ولكن بذورها الأولى تحمل هلاكها، إذ فيها مصادمةٌ لفطرِ البشر، وتجاهلٌ للتاريخ، واغتصابٌ للثقافة، وتنحيةٌ لتعاليم السماء، ومصادمة للمبشرات النبوية بانتصار الحقِّ وغلبة المسلمين وسيادةِ الإسلام، وتقوم العولمة على القهر والاستبداد وتعظيم الأغنياء والأقوياء، وسحق الفقراء والضعفاء، ومن هنا جاءت قوى الرفضِ لهذه العولمة من قلب الدولِ الراعية لها، وأفشل مجموعةٌ من الأمريكان مؤتمر سياتل الذي حضرته مائة وثلاثون دولة قبل أن يصلَ إلى قرارات، بل وقبل أن يحصلوا على توقيعات الدول النامية على توصياته، بل حتى قبل الوصول إلى مقر المؤتمر (١)، وانتشر الرفضُ للعولمة، وسار قطاره مسرعًا من أمريكا إلى أوروبا إلى غيرها.

إخوة الإسلام: وهنا يرد سؤال وكلُّنا مطالبٌ بالإجابة عليه، والسؤال يقول: ما موقفُنا من هذه العولمة وماذا ينبغي أن تُحرك فينا؟

إننا معاشرَ المسلمين جميعًا عربًا وعجمًا، شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا، مدعوون إلى إقامة عالمية تقوم على الاجتماع والألفة والأخوة، فالاجتماع قوة، والمؤمنون دون سواهم إخوة، والله يدعونا إلى الاجتماع وينهانا عن الفرقة، ويقول: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} (٢).

وهذه العالميةُ التي ندعو لها لا تُقارن مصداقيتُها بعولمتهم، وهي تختلف في


(١) علي حسن شيشكلي، العولمة، الجزيرة ٢٠/ ١٠/ ١٤٢٠ هـ.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>