للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله ربِّ العالمين، يحب الصابرين والمحسنين، ويجزي المتصدقين، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له، أمر بالتقوى والعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، ونهى عن الفحشاء والمنكر والبغي.

وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، لم يكن فاحشًا ولا متفحشًا، ولا صخَّابًا بالأسواق، اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.

أيها المؤمنون: أما السبب الرابعُ من أسباب تلوّث الأخلاق ورداءتها، فهو ذلك الركامُ الهائلُ الذي تبثه وسائل الإعلام وتدمر به الأخلاق وتهدم القيم.

وإنها لحرب أعنفُ وأمضى أثرًا من الحروب العسكرية، إذ كانت الحربُ فيما مضى قصرًا على الرجالِ المحاربين، أما هذه الحربُ الإعلاميةُ فهي شاملةٌ للنساءِ والأطفال، والشيوخ والشباب، وكنا في حروبنا مع أعدائنا فيما مضى ندافعهم حتى يسقط آخرُ سهمٍ بأيدينا، أما الآن فنحن نستجلب من الوسائل ما يدمرنا، ونفتعل حروبًا مدمرةً لأهلينا وأولادنا، داخل بيوتنا.

عباد الله: أليست البرامجُ الهابطة المثيرة للغرائز سببًا في انتشارِ فواحشِ الزنا واللواط، أليست الصورة الفاتنة سببًا للسفور ودعوة لنزع الحجاب؟ أليست الثقافةُ المسمومة سببًا في الانحراف الفكري والتغريب الثقافي، وهكذا يتردى الناسُ في الفتن وتتلوث أخلاقهم وهم لا يشعرون، والفتنة أشدُّ من القتل ... والقتلُ - وإن كان بطيئًا - فهو أشدُّ أثرًا من الجراح في معركةٍ يتقابل فيها المحاربون. ألا فانتبهوا عباد الله لأثر هذه الوسائل المدمرة، وحصِّنوا أنفسكم ومَنْ تحت أيديكم من آثارها، ومن استرعاه اللهُ رعيًّة فمات وهو غاشٌّ لها لم يرح رائحة الجنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>