للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطبةُ الثانية:

إخوةَ الإسلام: ومن فضلِ اللهِ علينا - معاشرَ المسلمين - أننا نُوقِفُ ما نوقفُ من مالِ اللهِ الذي آتانا، ثم يَأجُرُنا اللهُ على ما نُوقِفُ من مالِه وغيرُنا يوقِفُ، ولا يُؤجَر، ممن قال اللهُ عنهم: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} (١).

أجلْ، إنَّ الوقفَ كان قبلَ الإسلام، والأوقافَ كانت عندَ غيرِ المسلمين، فالمَجُوسُ والنصارى كانت لهم أوقافُهم .. ولكم أن تَعجَبُوا حين تعلمونَ أنَّ الملوكَ والعامَّةَ من هؤلاءِ القوم الكافرين - كانوا يتنافسون على تخصيصِ الأملاكِ المختلفةِ التي تُدِرُّ الأموالَ على رجالِ المجوسيّةِ ومعابِدِها، وعلى طبقةِ الأشرافِ والدهاقين.

ولكم أن تَعجَبُوا كذلك حين تعلمونَ أنَّ العربَ كانوا يُوقِفُونَ بعضَ أموالِهم على أصنامِهم، أو على أماكنَ معيَّنةٍ لمناسباتٍ خاصَّةٍ كالحج وغيرِه (٢).

ويزدادُ العجبُ حين تعلمون أنَّ عددًا من النصارى واليهود اليومَ يُوقِفُون ويُنفِقون الكثيرَ من أموالِهم لخدمةِ دينِهم والدعوةِ إلى معتقداتِهم؟ !

ويقولُ أحدُ التقارير: إن النصارى - وفي أمريكا فقط - يتبرَّعونَ للكنيسةِ بنحو ستينَ ألفَ مليونِ دولارٍ سنويًا؟

أفيكونُ المسلمون أقلَّ من غيرِهم في خدمةِ دينِهم والتبرُّعِ والإنفاقِ في سبيلِ الدعوةِ لإسلامهم؟


(١) سورة الفرقان، الآية: ٢٣.
(٢) البلاذري: أنساب الأشراف، تحقيق محمد حميد الله ١/ ٧٨، ٩٩، المفصل: جواد ٦/ ٢٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>