للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَشْرُ وَقَفاتٍ في الرؤيا والمُعبرين (١)

الخطبةُ الأولى:

إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالنا، من يهدِ اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُه، اللهمَّ صلِّ وسلِّمْ عليهِ وعلى سائرِ الأنبياءِ والمرسلين، وارضَ اللهمَّ عن الصحابةِ أجمعينَ والتابعينَ وتابعيهمْ بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ، وسلمْ تسليمًا كثيرًا.

إخوةَ الإسلام: يعرضُ للمرءِ- في حالِ اليقظة- أمورٌ تحتاجُ منهُ إلى صبرٍ ومصابرة، فأمورُ الحياة كثيرٌ كَدَرُها، والإنسانُ- كما أخبرَ الله- خُلِقَ في كبدٍ، والحياةُ الدنيا- بجُمْلتِها- متاعُ الغُرورِ.

وهذا ليس مجالُ الحديثِ اليومَ، بلْ يتجهُ الحديثُ إلى ما يعرضُ للمرء في حال المنام، إذْ تطوفُ الروحُ في عالمٍ وتخيُّلاتٍ ورؤى لا يعلمُها إلا الله، وفي المنام- بشكلٍ عام- آيةٌ من آياتِ الله {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} (٢).

ولربما نامَ المرءُ فقامَ فزعًا على إثْرِ رؤيا رآها، أو مشهدٍ تخيَّلهُ واقعًا، فلما استيقظَ لم يجدْ من ذلك شيئًا.

عبادَ الله: والناسُ في النظرِ إلى الرؤى وتعبيرِها طرَفانِ ووسطٌ؛ الطرفُ الأولُ يُعظِّمُ الرؤيا ويُسرفُ في تعبيرِها وربما ألزمَ نفسَهُ بما يتراآى له من


(١) ألقيت هذهالخطبةُ يوم الجمعة الموافق ٢٠/ ٧/ ١٤٢٣ هـ.
(٢) سورة الروم، الآية: ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>