للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله يُطْعِم ولا يُطعَم، وأشكره على جزيل النعم، {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له رزقه ما له من نفاد، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، رضي من الدنيا بالكفاف، وخرج منها ودرعه مرهونةٌ عند يهودي .. اللهم صل وسلم عليه وعلى إخوانه من الأنبياء ..

أيها المسلمون إذا كان غنى النفس مفهومًا شرعيًا وعقليًا للغنى الحقيقي، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول فيه: «ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس» (١).

فثمة مفهومٌ آخر ينبغي أن يستقر في أذهان المسلمين فيقنعون وهم يطلبون الرزق من الله، ويقول عنه صلى الله عليه وسلم: «من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافًا في جسده، عنده قوتُ يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها» (٢).

الله أكبر توفيرُ قوت يوم يعدل حيازة الدنيا بحذافيرها .. ألا ما أعظم القناعة في هذا الدين .. وما أجمل الرضا والثقة برزق رب العالمين.

وهاكم وصيةً ثالثةً من وصايا خير المرسلين في الرزق ما أحوجنا إلى فهمها، وإقناع النفس بها، يقول عليه الصلاة والسلام: «قد أفلح من أسلم، وكان رزقه كفافًا، وقنعه الله بما آتاه» (٣).

أتدرون ما الكفاف؟ قيل: «هو الذي لا يفضل عن الحاجة ولا ينقص» (٤).


(١) متفق عليه (شرح السنة ١٤/ ٢٤٣).
(٢) رواه الترمذي وحسنه، وحسنه غيره (صحيح الجامع ٥/ ٢٤٥).
(٣) الحديث رواه مسلم (رياض الصالحين ١٩٤).
(٤) جامع الأصول ١٠/ ١٣٨، وانظر: النهاية ٤/ ١٩١ مع اختلاف يسير).

<<  <  ج: ص:  >  >>