للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غرور الأماني وظاهرة الإرجاء (١)

[الخطبة الأولى]

إن الحمد لله، نحمده ونحمده ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، وارض اللهم عن الآل والأصحاب أجمعين، والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

فأما بعد، فأوصي نفسي وإياكم بوصية الله للأولين والآخرين: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيّاً حَمِيداً} (٢).

أيها المسلمون، ولابد للمسلم في هذه الحياة أن تكون عبادته لله بين الخوف والرجاء، ولابد أن يفقه ونصوص الوعد، ونصوص الوعيد، فما أفرط في الرجاء أصبح من المرجئة القائلين: لا يضر مع الإيمان شيء، ومن أفرط في الخوف كان من الخوارج والمعتزلة القائلين بتخليد صاحب الكبيرة إذا مات من غير توبة في النار، بل يكون وسطًا بينهما، كما قال تعالي: {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} (٣).

والخوف والرجاء- كما قال أهل العلم- كجناحَي طائر للإنسان يطير بهما فإذا اعترى أحدَهما نقص أثّر على الآخر.


(١) في ١١/ ١٠/ ١٤١٦ هـ.
(٢) سورة النساء، الآية: ١٣١.
(٣) سورة الإسراء، الآية: ٥٧. (انظر الفتح ١١/ ٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>