للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله رب العالمين، يختص برحمته من يشاء، وهو العليم الحكيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فضَّل هذه الأمة بالتراحم فيما بينها، فيستغفر اللاحقون للسابقين، على-حين كانت الأممُ الجاهلية قبلهم يلعن بعضُهم بعضًا؟ وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أوحى إليه ربُّه أفضليةَ قرنِه، وشهد لصحابته بالخيرية على من سواهم، اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى سائر النبيين.

أيها المسلمون! ويقول القاضي رياض يرحمه الله عن ميزة الصحابة:

«وفضيلةُ الصحبة ولو لحظة لا يوازيها عملٌ، ولا تنال درجتُها بشيء، والفضائل لا تؤخذُ بالقياس» (١).

أما عمَّا شجر بينهم، فيقول الذهبي يرحمه الله: «كما تقرر الكف عن كثير مما شجر بينهم، وقتالهم رضي الله عنهم أجمعين، وما زال يمرُّ بنا ذلك في الدواوين والكتب والأجزاء، ولكن أكثَر ذلك منقطع وضعيف، وبعضُه كذبٌ .. فينبغي طيُّه وإخفاؤه، بل إعدامُه، لتصفوا القلوب، وتتوفرَ على حبِّ الصحابة والترضي عنهم، وكتمانُ ذلك متعينٌ عن العامة وآحاد العلماء ..

إلى أن يقول: فأما ما تنقله الرافضةُ وأهل البدع في كتبهم من ذلك فلا نُعرِّج عليه، ولا كرامة، فأكثره باطلٌ وكذبٌ وافتراء، فدأب الروافض روايةُ الأباطيل، أوردُّ ما في الصحاح والمسانيد، ومتى إفاقةُ من به سُكران» (٢).


(١) شرح مسلم ١٦/ ٩٣.
(٢) سير أعلام النبلاء ١٠/ ٩٣، ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>