للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

إخوة الإيمان، وقديمًا قال العارفون: الرجال ثلاثة: رجل عمل حسنةً فهو يرجو ثوابها، ورجل عمل سيئة ثم تاب منها، فهو يرجو المغفرة، والثالث: الرجل الكذاب، يتمادى في الذنوب، ويقول: أرجو المغفرة، ومن عرف نفسه بالإساءة ينبغي أن يكون خوفه غالبًا (١).

فالأول والثاني يتمثل فيهم الحياء، والثالث مغالط لنفسه، وما فقه معنى الحياء، نسأل الله السلامة والعافية، ونسأله التوبة والمغفرة فإن قلتم: وما الطريق إلى الحياء الحق؟ وكيف يعرف الإنسان نفسه؟ أمن فئة المستحيين أم من زمرة الخادعين وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون؟ أُجبْتُم يما أجاب به النبي صلى الله عليه وسلم صحابته حين قال لهم: استحيوا من الله حق الحياء، قالوا: والله إنا لَنستحي من الله يا رسول الله، والحمد لله، قال: ليس ذلك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا وآثر الآخرة على الأولى، فمن فعل ذلك فقد استحى من الله حق الحياء) (٢).

إخوة الإسلام، ونستطيع القول في معاني الحياء وآثاره:

- هو ترجمة للخوف من الجليل، وهو نوع من الأدب في التعامل مع الآخرين، هو طريق للخير والفلاح، وهو جسر للسعادة والصلاح، هو دليل رجاحة العقل، ومؤشر لميزان الإيمان، وعنوان للثقة بقيم الإسلام وأخلاقه، ورفضٍ واعٍ لمحاكاة الآخرين وتقليدهم في سواقط العادات والأخلاق.


(١) ثلاث شعب من الجامع لشعب الإيمان للبيهقي ١/ ٢٩٧.
(٢) أخرجه الترمذي وغيره، وصححه الحاكم ووافقهم الذهبي، جامع الأصول ٣/ ٦١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>