إخوة الإيمان وشهر الصيام شهر المواساة .. ألا ترون الناس أجمع- غنيهم وفقيرهم، ذكرهم وإناثهم، وكبيرهم- يمسكون عن الطعام والشراب وسائر المباحات مع توفرها عند قوم وندرتها عند آخرين .. أفلا يوحي ذلك للقادرين أن بإمكانهم أن يتنازلوا عن بعرض ما يملكون إلى غيرهم من المحتاجين، ولئن نسي المنعمون أو غفلوا عن حوائج المحتاجين طوال العام - وما كان لهم أن ينسوه- فشهر الصيام خير مذكر، وخير داع للصلة والقربى والإحسان، إن المواساة تبدو في شهر الصيام في كثرة إطعمام الطعام، وإفطار الصائمين وكم هو مشهد إيماني محبب للنفس هذه الاجتماعات الجماعية على الإفطار، وهذه المشروعات الخيرة- بإذن الله- لإطعام الصائمين تلك التي تنتشر في المساجد أو خارج المساجد، فيشعر المسلم بقرب أخيه منه وحنانه عليه واهتمامه بأمره، وكم في الجلوس مع الفقراء أو الغرباء من معاني الرحمة والتآلف والتواضع والصلة والإحسان، وتزداد عظمة المشهد، كلما زادت مساحة التجمع وكثر المحتاجون وتبلغ قيمتها في المسجد الحرام بمكة، أو في الحرم النبوي في المدينة، وكم هي جديرة هذه الوحدة الرمضانية أن تؤلف بين المسلمين، وتجمع كلمتهم في سائر الشهور وسائر البقاع.
ومن مظاهر المساواة- في شهر رمضان- قضاء الدَّين عن المدينين، وفك الرقاب على الغارمين، وتفريج الكربات للمعسرين، وشهر الصيام يقوي عزائم هؤلاء وأولئك ليهيموا على وجوههم بحثًا عن أهل الخير لسد حاجتهم، وعلى الموسرين أن تطيب نفوسهم بما يجودودن به لهؤلاء من صدقات مستحبة فضلاً عن دفعهم للزكاة الواجبة، ولا ضير من التحري والدقة والسؤال والمعرفة ولاسيما في أهل الزكاة والمستحقين لها.