للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تداعي الأمم «انصر أخاك» (١)

الخطبةُ الأولى:

إن الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، مَن يَهدِه اللهُ فلا مضلَّ له ومَن يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهم صلِّ وسلِّم عليه وعلى سائرِ الأنبياء والمرسَلين، وارضَ اللهم عن الصحابةِ أجمعينَ والتابعين وتابعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وسلِّم تسليمًا كثيرًا.

أيها المسلمون: الأيامُ دُوَل، والفتنُ والبلايا -قديمًا وحديثًا- تَحُلُّ وترتحِلُ، ومن قرأ التاريخَ وَجَد في حوادثِ الماضي ما يكشفُ له عن طبيعةِ المعركة في الحاضر.

ومِن آلامِ هذا القرنِ وفتنِه إلى آلامِ القرنِ الثالثِ الهجري وفتنِه أنقلُكم عبرَ مشهدٍ من مشاهدِ الصراعِ بين المسلمينَ والنصارَى، تحدَّثَ عنه المؤرخون كابنِ جَرِير وابن الأثير وابن كَثِير، قالوا:

في سنةِ ثلاثٍ وعشرينَ ومائتينَ خرجَ توفيلُ بنُ ميخائيلَ - ملكُ الرومِ النصارى -إلى بلادِ الإسلام، وأوقعَ بأهل زِبَطْرةَ ملحمةً عظيمةً قَتَلَ بها من الرجالِ وسَبَى الذريّةَ والنساءَ، وأغار على (مَلَطْيَة) وغيرِها من حصونِ المسلمينَ، وسبَى المسلماتِ، ويُقال: إن أكثرَ من ألفِ امرأةٍ وقعت في السَّبْي (٢)، ومَثَّلَ بمن صار في يدِه من المسلمين وسَمَلَ أعينَهم وقطعَ أنوفَهم


(١) ألقيت هذه الخطبة يوم الجمعة الموافق ١٠/ ٧/ ١٤٢٢ هـ.
(٢) الطبري ٩/ ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>