للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله قدر فهدى وأخرج المرعى فجعله غثاء أحوى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شرع فأحكم، وحكم فعدل وهو خير الحاكمين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، دل الأمة على الخير وأمرهم به ونهاه عن الشر ونهاهم عنه، اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر النبيين والمرسلين.

أيها الإخوة المؤمنون الدنيا متاع وفيء زائل، والآخرة هي دار القرار، وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا، وَمَن كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا.

أيها المتنزهون تتاح لكم في البراري عبادة عظيمة قل في الناس عاملها، وجاء في القرآن الحث عليها .. إنها عبادة التفكر {وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ} [الذاريات: ٢٠] {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ (١٩٠) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: ١٩٠، ١٩١]، {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [الروم: ٢٤].

يا أيها المتنزه هل بلغت بنظرك عظمة الله فيما خلق وأنت ترى أنواع الأزهار وصنوف الأشجار تسقى بماء واحد ويختلف في الطعوم والأشكال .. وتبصر أنواعًا من الدواب والزواحف والهوام {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}.

تبصر الجبل والسهل والقيعان والرمال، فهل تكبر حين ترقى مرتفعًا وتسبح

<<  <  ج: ص:  >  >>