للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله رب العالمين أغاث قلوب المؤمنين بالإيمان، فكان بها مثل السراج يُزهر، وكان كالبقلة يمدها بالماء الطيب، ونكس قلوب المنافقين فكان النفاق فيها كمثل القرحة يمدها القيح والدم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ولئن كان ذهاب نور العينين يسمى عمى، فأشدُّ منه أن تعمى القلوب التي في الصدور، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ما فتئ يجاهد المنافقين حتى أظهره الله عليهم، وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلب ينقلبون.

اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.

أيها المسلمون! من سيما المنافقين وعلاماتهم أنهم يكرهون التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم باطنًا وإن زعموا أن الإيمان بهما ظاهرًا ويميلون إلى حكم الطاغوت وإن لم يقولوا به جهارًا، ولربما ألصقوا التهم الباطلة بمن يدعون إلى الكتاب والسنة مخادعة وتنفيرًا، ولربما خرجت على فلتات ألسنتهم كلماتُ الإطراء للكافرين زورًا وبهتانًا؟

ويح المنافقين {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا} (١).

{ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين * وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون * وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين * أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون} (٢).


(١) سورة النساء، الآية: ٦١.
(٢) سورة النور، الآيات: ٤٧ - ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>