للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وإلهيته وأسمائه وصفاته، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر النبيين والمرسلين.

إخوة الإسلام في دعوة المرسلين ملامح أخرى - غير التوحيد- فدعوتهم على هدى وبصيرة ويقين وبرهان- وليست تخبطًا أو جهلًا أو هوى أو تشكيكًا وكذلك ينبغي أن يدعو أتباعهم {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: ١٠٨].

وهي دعوة وتحمل في كل الأحوال والظروف، قام بها المرسلون في أحوال الضراء كما قاموا بها في حال السراء، وأدوها وهم مستضعفون يطاردون، كما التزموا بها وهم أقوياء آمنون لم تمنعهم غياهب السجون من الدعوة إلى {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [يوسف: ٣٩].

ولم يفت في عقيدتهم أن يدعو إلى الله وهم يحاصرون في الشعاب والأودية، ويمنعون أو تشوه دعوتهم لدى الوفود القادمة إلى مكة.

لم تسلم دعوتهم من الأذى والتكذيب، لكنهم عالجوا ذلك بالصبر واليقين {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقدْ جَاءكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ} [الأنعام: ٣٤].

وسخر بهم وبدعوتهم {وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ} [هود: ٣٨]. وكما سخروا بمن سخر بهم، فقد سخر الله بمن لمزهم ولهم عذاب أليم.

ولم يكن اليأس سبيل إلى قلوبهم - وإن قل العدد أو عدم النصير {وَأُوحِيَ إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>