للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمانة الكلمة ومسؤوليتها (١)

[الخطبة الأولى]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ...

إخوة الإسلام، والمتأمل في آيات القرآن الكريم وأحاديث المصطفى عليه الصلاة والسلام، يلحظ تركيزًا واضحًا واهتمامًا بالغًا بمسؤولية الكلمة وأمانة النطق، فالرقابة دقيقة: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (٢)، والمسؤولية شاملة: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (٣).

والكلمة في حس المسلم ليست عبثًا فراغًا، ولا لغوًا آثمًا: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} (٤)، بل هي في ضمير المؤمن نهجٌ عادلٌ، وقولٌ سديدٌ راشدٌ، وهي طريق للصلاح والاستصلاح، ومغفرة للذنوب، وهي قرينة التقوى، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} (٥).

وإذا كانت تلك نظرة أهل الهداية والفضيلة، فليس الأمر كذلك عند أهل الغواية والرذيلة، وينبغي أن يترفع العالمون عن الجاهلين: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ


(١) في ٢٨/ ١/ ١٤١٧ هـ.
(٢) سورة ق، الآية: ١٨.
(٣) سورة الإسراء، الآية: ٣٦.
(٤) سورة المؤمنون، الآيات: ١ - ٣.
(٥) سورة الأحزاب، الآيتان: ٧٠، ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>