الحمد لله رب العالمين حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضاه، وأشهد ألا إله إلا الله، هو الأول والآخر والظاهر والباطن، وهو بكل شيء عليم، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وخيرته من خلقه .. اللهم صل وسلم عليه وعلى إخوانه وآله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فأصل بكم معشر الإخوة بعد ذكر عدد من آفات وحصائد الألسن إلى آفة عظيمة هي في عداد قبائح الذنوب وفواحش العيوب .. ألا وهي الكذب الذي سرى في هذا الزمان سريان النار في الهشيم، وابتليت به العامة والخاصة إلا من رحم الله، وأصبحت له مؤسسات وأجهزة تنشره وتصبغ الناس بصبغته، وتصيبهم من أثره .. ألا وهي وسائل الإعلام، ووكالات الأنباء .. التي يمتلك الجزء الأكبر منها أمم وشعوب كافرة، لا تصدر للأمم المسلمة من الأخبار إلا ما تريد .. فتتلقفها الوكالات الأخرى غافلة عن مصدرها، ومتأثرة في الغالب بما جاء فيها .. فتختلط الحقائق بالأباطيل، ويروج الكذب، وتذوب القيم، ويمدح الفجار وتعلى مكانتهم، ويشهّر بالأخيار ويوصمون بالنقيصة والتطرف أو غيرها من رديء العبارات وسوء الألقاب .. وما ربك بغافل عما يعملون، حتى لقد سئم الناس هذه العبارات، وربما أدرك بعضهم السر من ورائها، وعلموا أنها وسيلة لإطفاء نور الله، وتعبير عن الحسرة التي قطعت قلوب الكفار والمنافقين، وهم يرون الإسلام ينتفض من جديد، ويرون المسلمين يعودون إلى ربهم في كل صقع من أصقاع المعمورة، وهو نور الله يملأ الوجود، وهل تستطيع قوة أن تطفئ نور الله {يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون}(١) ألا إنها الحماقة والسفه ليس إلا.