للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله رب العالمين، أحمده تعالى وأشكره، وأثني عليه الخير كله، وهو أهل الثناء والحمد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.

أيها المسلمون، ومن وسائل اتقاء العين- أيضًا- التبريك، وهو قولك: (اللهم بارك عليه) للشيء تراه أو يُذكرُ لك فيُعُجبُكَ، إذ قد تقع منك العين وإن لم تردها، فعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: (اغتسل أبي، سهل بن حنيف، بالخرار (١) فنزع جبةً كانت عليه، وعامرٌ بنُ ربيعةَ ينظر إليه، وكان سهلُ شديدَ البياض، حسنَ الجلد، فقال عامر: ما رأيتُ كاليوم، ولا جلدَ مخبأةٍ عذراء، فوُعكَ سهلٌ مكانه واشتد وعكه، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بوعكهِ فقيل له: ما يرفعُ رأسه، فقال: هل تتهمون له أحدًا؟ قالوا: عامر بن ربيعة، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتغيَّظَ عليه فقال: علامَ يقتلُ أحدُكم أخاه؟ ألا برَّكتَ؛ اغتسل له، فغسل عامرٌ وجههُ ويديهِ، ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه، وداخِلَةَ إزاره في قَدَحٍ، ثم صُبَّ عليه من ورائه، فبرأَ سهلٌ من ساعتِه) (٢).

عباد الله، وإذا كان التبريك سببًا واقيًا بإذن الله عن وقوع العين، فإن اغتسال العائن ووضوءه بماء يُصب على المعين شفاءٌ له بإذن الله- كما سمعتم بقصة سهل بن حنيفٍ وعامر بن ربيعة، رضي الله عنهما- وهو مفسرٌ لقوله، صلى الله عليه وسلم، «وإذا استغسلتم فاغتسلوا» (٣).


(١) من أودية المدينة.
(٢) رواه مالك وأحمد والنسائي وابن ماجه بسند صحيح (انظر: صحيح الجامع الصغير ٣٩٠٨، وحاشية زاد المعاد ٤/ ١٦٣ هامش ٤).
(٣) رواه مسلم في كتاب السلام/ باب الطب والرقى.

<<  <  ج: ص:  >  >>