للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذا، فينبغي للمسلم ألا يمتنع عن الاغتسال إذا اتهمه أهل المعين، أو أحسّ هو من نفسه أنه عانَ أحدًا من المسلمين.

أيها المسلمون، وثمة وقايةٌ من العين، بإذن الله، يغفل عنها كثيرٌ من الناس، ألا وهي: ستُر محاسن من يخاف عليه العين، بما يردها عنه، فقد ذكر البغوي في شرح السنة أن عثمان، رضي الله عنه، رأى صبيًا مليحًا، فقال: (دسموا نونته كيلا تُصيبه العين).

ثم شرحه بقوله: ومعنى دسّموا: أي سودوا، والنونة: الثقبة أو النقرة التي تكون في ذقن الصبي الصغير (١).

إخوة الإيمان، ويبقى بعد ذلك أمران مهمان: يسنُ التنبيه إليهما- حين الحديث عن العين-.

الأول منهما: ألا أكثر من التطير والتشاؤم، وأحسن الظن بالله، وتُقوي جانب التوكل عليه، وأن يلازمنا الفأل الحسن فقد كان عليه الصلاة والسلام يُعجبه الفأل، ونهى عن الطيَرة فقال: «الطيرة شرك، الطيرة شرك، الطيرة شرك، وما منا إلا، ولكن يُذهبُه الله بالتوكل» (٢). وفي قوله: وما منا إلاّ ولكن: أي وما منّا إلا ويعتريه التطّير، ويسبق إلى قلبه لكراهة له .. ولكنّ الله يُذهبه بالتوكل، ولا يؤاخذه الله بما عرض له، ولم يعبأ له وسلم أمره لله (٣).

ثانيًا: ألا ننسى حظوظ النفس وآثار المعاصي في وقوع المصائب والكوارث لبني الإنسان، فكثيرٌ من الناس إذا وقع لهم مرضٌ أو اعترته مصيبةٌ عزاه للعين


(١) شرح السنة ١٢/ ١٦٦، ابن القيم: زاد المعاد ٤/ ١٧٣.
(٢) رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، واللفظ لأبي داود (٣٩١٠، ١٦١٤).
(٣) لعل الله أن ييسر الحديث عن هذه الظاهرة السيئة الخلل في العقيدة بشيءٍ من الإيضاح والبيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>