للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مباشرة دون أن يتهم نفسه، أو يفتش في أحواله وعلاقته بربه، صحيحٌ أن العين حق- وقد سبق البيان- ولا يُماري في ذلك مسلمٌ يؤمن بنصوص الكتاب والسنة، ولا عاقلٌ يرى أثر العين رأي العين ... ولكن الذي ينبغي ألا يُنسى أن للذنوب أثرًا في وقوع المصائب، كيف لا؟ والحق تبارك وتعالى يقول:

{وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} (١).

قال الحسن: لما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من اختلاجِ عِرقٍ، ولا خدشِ عودٍ، ولا نكبة حجر إلا بذنب، ولمِاَ يعفو الله عنه أكثرُ» (٢). وقال عكرمة: ما من نكبةٍ أصابت عبدًا فما فوقها إلا بذنوب لم يكن الله ليغفره له إلا بها، أو لينال درجة لم يكن ليوصله إليها إلا بها» (٣).

ويقول تعالى: {مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} (٤). روى الإمام مسلم، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: لما نزلت هذه الآية بلغت من المسلمين مبلغًا شديدًا، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «قاربوا وسددوا، ففي كل ما يصاب به المسلم كَفَّارة، حتى النّكبَةُ يُنكُبها، أو الشوكة يُشاكها» (٥).

قال ابن عبد البر، رحمه الله: (الذنوب تكفرها المصائب والآلام، والأمراض والأسقام، وهذا أمر مجتمع عليه) (٦).

أيها المسلمون، ولا يقف الأمر في المصائب التي يبتلي الله بها عباده عند


(١) سورة الشورى، الآية: ٣٠.
(٢) تفسير القرطبي ١٦/ ٣١.
(٣) تفسير القرطبي ١٦/ ٣١.
(٤) سورة النساء، الآية: ١٢٣.
(٥) رواه مسلم: (٤/ ١٩٩٣، ٢٥٧٤).
(٦) التمهيد ٢٣/ ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>