إخوة الإسلام ولم ينته الفكر الاعتزالي بموت أساطينه الأول، ولم تنته العقلية الاعتزالية المعظمة للعقل حتى جعلته ندًا أو معارضًا للنقل الصحيح .. وكما ظل أهل الاعتزال الأول وجاروا لأنهم تاهوا في تخبطات عقولهم، بل عبر بعض من رجع منهم أن أرواحهم في وحشة من أجسادهم وقال نادمًا متحسرًا تائبًا:
نهاية أقدام العقول عقال ... وأكثر سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا ... وغاية أمرنا أذى ووبال
إلى أن قال:
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ... سوى أن جمعنا قيل وقالوا
كما يظل هؤلاء اليوم أصحاب مدرسة الاعتزال الجديدة .. حين يحملون العقل ما لا يحتمل وحين يقحمون العقل في مجالات لا مكان له فيها، ولذا تظل الحيرة والتشكك تلاحق هؤلاء، ويظل الإنكار للمعلوم من الدين بالضرورة سمة لهؤلاء، كما أن من سماتهم التنقل والتلون، فمرة تراهم في أقصى اليمين، وحينًا تراهم في أقصى الشمال، يصاحبون الأخيار فترة، ويكونون أخلاء للأشرار فترة أخرى وهكذا وآخرون منهم مغموسون في حياتهم كلها .. شغلهم الشاغل طرح الشبهات وديدنهم الطعن على أحكام الشريعة وتجريح علماء الأمة- إنهم قوم مفتونون سلم الأعداء من سهامهم، وأذوا المسلمين بطروحاتهم وتشكيكاتهم.
إن الحقيقة تقول: ليس هناك تعارض بين العقل الصحيح، والنفل الصريح، وما من دين احتفى بالعقل كما احتفى به الإسلام ولقد ألف شيخ الإسلام