للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن تيمية رحمه الله سفرًا عظيمًا رد فيها على أصحاب المدرسة العقلية المتشنجة وأسماه (درء تعارض العقل والنقل) وانتهى في كتابه إلى تعظيم النص الشرعي وعدم تعارضه مع العقل الصحيح.

ومما قاله الشيخ في كتابه بهذا الصدد «إن النصوص الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعارضها قط صريح معقول فضلًا عن أن يكون مقدمًا عليها، وإنما الذي يعارضها شبه وخيالات مبناها على معان متشابهة وألفاظ مجملة، فمتى وقع الاستفسار والبيان ظهر أن ما عارضها شبه سفسطائية لا براهين عقلية» (١/ ١٥٥، ١٥٦).

ويقول: «إن كل ما عار من الشرع من العقليات فالعقل يعلم فساده» (١).

ويقول: والمقصود هنا التنبيه على أن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم هو الحق الموافق لصريح المعقول (٢).

وكما انحرف الخوارج والمعتزلة وأصحاب المدارس العقلية، انحرف أهل الإرجاء الذين يقولون إن مجرد الإيمان كاف، ولا تضر مع الإيمان معصية، وتنازل المرجئة المعاصرون عن كثير من أمور الدين، وسهلوا على العوام اقتحام الموبقات فهلكوا وأهلكوا.

أيها المسلمون .. لا بد للعلماء وأهل الفكر السليم من التسليط وأشعة النقد على كل فكر ملوث وكشف تناقضاته الفجة، لاتفاق مفعول شحنته السلبية .. حتى لا تعاق المسيرة، ولا تتاح فرص للمعوقين والمرجفين في الأمة، في زمن باتت الأخطار تحدق بالأمة من كل جانب وأصبحت قصعة المسلمين محط أنظار الخصوم وأعداء الأمة من كل جانب، وما بالأمة حاجة أن تلتفت للوراء أو تشغل عن خصومها ببعض أبنائها.


(١) (درء تعارض العقل ١/ ١٩٤).
(٢) (٣/ ٨٧ السابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>