للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أسرار شهر الصيام (١)

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ..

إخوة الإسلام، وكم هو عظيم شهر الصيام، وكم فيه من حكَمٍ وأسرار، يدرك كل صائم منها بحسب علمه وإيمانه، وتعبَّدِه لِمولاه، ويكفيه أنه باب مشرِعٌ لكل طرق الخير، من صيام، وصلاةٍ، وزكاةٍ، وصدقةٍ، وذكرٍ، ودعاءٍ، وتلاوةٍ، وجودٍ، وإحسانٍ، وصبرٍ، ويقينٍ، واحتساب للأجر العظيم، ويكفيه أنه طريق للتقوى، والتقوى جماع الخير، وسبيل الفلاح والنجاح:

{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ .. } (٢)، {إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (٣).

كم تحجب الشهوات النفوس عن السمو، وشهر الصيام يحطم كبرياء النفس بكسر باعث الشهوة- قلب المعاصي- وهذا كما قال القرطبي، رحمه الله: وجه مجازي حسن في تأويل معنى قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (٤).

وقيل: لتتقوا المعاصي (بالصيام)، وقيل: وهو على العموم لأن الصيام كما ورد «الصيام جُنَّة ووجاء وسبب تقوى لأنه يُميت الشهوات» (٥).

أجل، إن الصيام جنة يتقي بها الصائم عن المآثم والسيئات والهلكات


(١) في ١١/ ٩/ ١٤١٥ هـ.
(٢) سورة الطلاق، الآيتان: ٢، ٣.
(٣) سورة يوسف، الآية: ٩٠.
(٤) سورة البقرة، الآية: ١٨٣.
(٥) تفسير القرطبي ٢/ ٢٧٥، ٢٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>