للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا طاهرًا مباركًا كما يُحبُّ ربُّنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله قدوة الصابرين، وإمام المجاهدين، وخير البرية أجمعين، اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى إخوانه من النبيين والمرسلين، وعلى آله المؤمنين ومن تبعهم إلى يوم الدين.

أيها المسلمون، ويرد السؤال: ما هي حقيقة الصبر؟ ومتى ومَن يحتاج إليه؟ وقد قيل: الصبر ثباتُ باعثِ العقلِ والدينِ في مقابلةِ باعث الهوى والشهوة) (١).

وهذا يعني أن الصبر ناتجٌ عن العقل والدين، وأنَّ الجزعَ والخور سائقهما الهوى والشهوة.

سُئل الجنيدُ عن الصبر فقال: (تجرع المرارة من غير تعبس) (٢).

هو باختصار كما قال العلامة ابن القيم رحمه الله: خُلقٌ فاضلٌ من أخلاق النفس يُمتنع به من فعل ما لا يحسن ولا يجمل (٣).

الصبر سيد الأخلاق، وبه ترتبط مقامات الدين، فما من خلق فاضل إلا ويمر بقنطرة من الصبر، وإن تحول إلى اسم آخر، فإن كان صبرًا عن شهوة فرجٍ محرمةٍ سُميَ عِفةً، وإن كان عن فضولِ عيشٍ سُمي زُهدًا، وإن كان عن دواعي غضبٍ سُميَ حلمًا، وإن كان صبرًا عن دواعي الفرار والهرب سُميَ شجاعة،


(١) عدة الصابرين/ ٢٥.
(٢) السابق/ ٢١.
(٣) السابق/ ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>