للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدَّيْن (١)

[الخطبة الأولى]

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ..

أيها المسلمون ثمة حقوق يتساهل بها بعض الناس مع أن أمرها عظيم عند الله، وثمة قضية يستهين بها نفر من المسلمين وهي ليست كذلك في شريعة الإسلام .. إنها حقوق الخلق، ومنها الدَّيْن أخذًا أو عطاءً، قضاءً واقتضاءً كتابة للعقد، وإشهادًا على الدَّيْن .. وحرص على الوفاء .. وعدم مماطلة في الأداء ..

إن أطول آية في كتاب الله هي آية الدَّيْن {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَّيْن إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ .. }.

روى الإمام ابن جرير وعنه ابن كثير عن سعيد بن المسيب- رحمه الله- أنه بلغه أن أحدث القرآن بالعرش آية الدَّيْن (٢) وفي الآية أحكام وآداب وتنبيهات على كل مسلم أن يعقلها ويعمل بها .. وإنما يقع الخلل وتكثر المشاكل والمظالم حين يكون التهاون بشيء من هذه الأحكام والآداب.

وإذا كان الله يقول {وَلاَ تَسْأَمُوْا أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُوا}.

فما بال نفر من المسلمين يتساهلون في هذه المعاملات، ويعتمدون بزعمهم على الثقة .. وينسون أن هذه الكتابة لا تخرم مروءة ولا تلقى ثقة، إنما هو الضبط والاحتياط وحفظ الحقوق واستنطاق الشهود.


(١) ألقيت هذه الخطبة في ٢٢/ ٢/ ١٤٢٩ هـ.
(٢) (تفسير ابن كثير ١/ ٤٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>