للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَّيْن إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ .. } قال ابن كثير: هذا إرشاد منه تعالى لعباده المؤمنين إذا تعاملوا بمعاملات مؤجلة أن يكتبوها، ليكون ذلك أحفظ لمقدارها، وميقاتها، وأضبط للشاهد فيها (١).

إخوة الإسلام ليس عيبًا أن يكون الإنسان فقيرًا، ولا حرج إن احتاج إلى سلفة أو دَّيْن من الآخرين، وليس فخرًا، أو دليلًا على الرضى أن يكون الإنسان غنيًا .. فالفقير مبتلى بالفقر وقد يكون خيرًا له، والغني مبتلى بالمال وقد يكون فتنة له {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} وإذا مدح الفقير الصابر، فيمدح الغني الشاكر.

ولكن العيب أن يستدَّيْن المرء أو يستقرض ما يعلم من نفسه العجز عن الوفاء به وعيب آخر وأعظم أن يأخذ المرء أموال الناس وهو ينوي التلاعب بها وعدم سدادها، ومماطلة أصحابها.

وإذا كانت النوايا يعلمها علام الغيوب فهو تعالى يعين من أخذ حقًا يريد أداءه ويتلف من أخذ شيئًا وهو عازم على جحده أو المماطلة فيه.

أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله» (٢).

أيها الناس وبقدر ما يعين الله من أحسن ظنه بالله، وصدق مع خلقه في أداء الحقوق وتيسير القضاء .. فكذلك يتلف الله من أضمر نية المماطلة وساء ظنه بربه، وأساء في تعامله مع الخلق.

وبقدر ما يكون الله مع الدائن (الصادق) حتى يقضي دَّيْنه .. يتخلى الله عن


(١) (تفسير ابن كثير ١/ ٤٩٥).
(٢) (ح ٢٣٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>